«فايننشيال تايمز»: الرسوم الجمركية تُشكل ضربة مزدوجة لقطاع الطاقة الخضراء
«فايننشيال تايمز»: الرسوم الجمركية تُشكل ضربة مزدوجة لقطاع الطاقة الخضراء
فرض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، رسومًا جمركية جديدة على العديد من المعدات الخاصة بصناعة الطاقة المتجددة، ما يهدد بزيادة الأسعار وتعطيل سلاسل التوريد، وتتراوح هذه الرسوم بين 10 و49% على مكونات الكهرباء، وتخزين البطاريات، وغيرها من المعدات التي تأتي من دول مثل الصين وجنوب شرق آسيا وأوروبا.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "فايننشيال تايمز"، اليوم الاثنين، يتسبب هذا التحدي في مضاعفة الضغوط على قطاع الطاقة المتجددة، الذي يعاني أصلاً من سياسة ترامب الداعمة للوقود الأحفوري وقلة اهتمامه بالطاقة النظيفة.
وحذر مسؤولو الصناعة من أن هذه الرسوم الجمركية ستؤدي إلى زيادة التكاليف، ما سينعكس سلبًا على أسعار الكهرباء للمستهلكين، وفقًا لتقرير صادر عن بنك أوف أمريكا، ارتفعت أسعار الكهرباء العام الماضي بمعدل أسرع من معدل التضخم، حيث طلبت العديد من شركات المرافق رفع الأسعار بنسبة مزدوجة من الجهات التنظيمية لتغطية الزيادة في تكاليف العمل والمواد، فضلاً عن الترقيات اللازمة لشبكات الكهرباء.
وقالت سانديا غاناباثي، الرئيس التنفيذي لشركة"أمريكا الشمالية للطاقة المتجددة" EDP وهي من كبرى الشركات العاملة في مجال الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة: "قد يكون هذا الوضع سببًا رئيسيًا لإبطاء تقدم قطاع الطاقة النظيفة في الوقت الذي نحتاج فيه إلى تعزيز الهيمنة الأمريكية في مجال الطاقة المتجددة وتقنيات الذكاء الاصطناعي"، وأضافت أن هذه الرسوم "تخلق اضطرابًا في البيئة التجارية، مما يزيد من التحديات التي تواجهها الشركات".
رسوم جديدة تعرقل الاستثمار
أشار المحللون إلى أن الرسوم الجمركية تشكل تحديًا إضافيًا لصناعة الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة في وقت حساس، حيث لا يزال القطاع يعاني من ضبابية بشأن سياسة ترامب المحتملة حول حوافز الطاقة النظيفة التي أقرها الرئيس السابق جو بايدن.
ويرى جوليان دومولين-سميث، المحلل في بنك "جيفريز" الاستثماري، أن هذه الرسوم تشجع الشركات على تأجيل استثماراتها في المشاريع المتجددة.
وأضاف دومولين-سميث: "الرسوم توفر سببًا آخر للشركات لتأجيل استثماراتها، والمشكلة الرئيسية أن هناك نقصًا في سلسلة الإمداد المحلية في العديد من قطاعات الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وتخزين البطاريات وطاقة الرياح، ما يجبر الشركات على الاستيراد من الخارج".
آثار الرسوم على سلاسل التوريد
يعد قطاع تخزين البطاريات أحد أكثر القطاعات تضررًا من الرسوم الجمركية، حيث تشكل البطاريات جزءًا أساسيًا من قدرة الولايات المتحدة على تخزين الطاقة المتجددة.
وفقًا لشركة "رو موشن" للبحوث، استحوذت الصين على أكثر من 90% من خلايا تخزين الطاقة التي تم نشرها في السوق الأمريكية العام الماضي، ورغم الجهود المحلية لبناء قدرة إنتاجية في الولايات المتحدة، فإن هناك عجزًا في القدرات الوطنية اللازمة لتلبية الطلب المتزايد.
وتواجه واردات خلايا التخزين الصينية الآن رسومًا إضافية بنسبة 34%، بالإضافة إلى 20% تم الإعلان عنها مسبقًا، وتشير التوقعات إلى أن إجمالي الرسوم الجمركية على خلايا البطاريات الصينية قد يصل إلى 82.4% بحلول عام 2026، ما يزيد من التكاليف على الصناعة الأمريكية.
زيادة واردات الألواح الشمسية
على الرغم من النمو السريع الذي شهده قطاع تصنيع الألواح الشمسية في الولايات المتحدة، فإن البلاد استوردت نحو 95 مليون لوحة شمسية في العام الماضي، وهو ما يعكس إقبال المطورين على تخزين المخزون في انتظار التغييرات المستقبلية في السياسات.
ووفقًا لأرقام شركة "ريستاد للطاقة"، كان معظم هذه الواردات يأتي من دول تخضع لرسوم جمركية مرتفعة، مثل فيتنام وماليزيا وتايلاند، ونتيجة لذلك، فإن المطورين في الولايات المتحدة يتوقعون زيادة واردات الألواح الشمسية من دول مثل الشرق الأوسط وأفريقيا.
وقال ماريون مورال باكه، نائب رئيس أبحاث الطاقة الشمسية في "ريستاد": "نحن نتوقع تسريع خطط تصنيع الألواح الشمسية داخل الولايات المتحدة، ولكن التكاليف للمطورين ستظل مرتفعة في جميع الأحوال".
طاقة الرياح تواجه تحديات إضافية
يعتمد قطاع طاقة الرياح في الولايات المتحدة على استيراد العديد من المكونات الأساسية مثل الشفرات والمحركات وأنظمة الكهرباء، حيث يتوقع أن يأتي نحو نصف واردات هذه المكونات في عام 2024 من الاتحاد الأوروبي.
وحذر تقرير صادر عن شركة "وود ماكنزي" من أن فرض الرسوم الجمركية بنسبة 25% على جميع منتجات الرياح المستوردة قد يؤدي إلى زيادة تكاليف المشاريع بنسبة 7%، وهو ما قد يهدد بعض المشاريع.
ولا تقتصر التأثيرات على قطاع الطاقة المتجددة فحسب، بل تشمل أيضًا صناعة مكونات الشبكات الكهربائية التي تعد أساسية لترقية الشبكات لمواجهة الطلب المتزايد على الكهرباء، ونتيجة لذلك، فإن هذه المكونات ستصبح أكثر تكلفة، مما سيدفع أسعار الكهرباء إلى الارتفاع، ما ينعكس سلبًا على المستهلكين.
وقالت غاناباثي من "EDP": "إن العديد من هذه المكونات، مثل المحولات الكهربائية والقواطع، تأتي من دول أخرى مثل كندا أو المكسيك أو أماكن أخرى في العالم.. وإن هذه الرسوم الجمركية لا تؤثر فقط في المشاريع الجديدة، بل تؤثر أيضًا في استقرار الشبكة الكهربائية"، وأضافت: "نحتاج إلى مواكبة الزيادة الكبيرة في الطلب على الطاقة".